لم يقتصر موقع رصيف هوانغبو الذي يعود تاريخه إلى مائة عام على كونه بوابة مائية فحسب، بل كان أيضاً شاهداً على بدايات الصناعة الوطنية الصينية. في أوائل القرن العشرين، انطلق من هنا ست مجموعات تضم 650 شاباً صينياً تقدمياً إلى فرنسا ضمن حركة العمل والدراسة. وقد افتتح منطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية الآن للجمهور رسمياً بمظهر متجدد.
كأحد الفعاليات المهمة لمهرجان شنغهاي للسياحة الجامعية 2025، أُقيم حفل افتتاح الجولة المصغرة “الرحلة الحمراء، الروح الخالدة” في منطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية في قاعة انتظار محطة كروز تشينهوانغداو.
تتميز المنطقة المتجددة بمنشآت فنية مؤلفة من عناصر رمزية متعددة تشمل الأعلام والكتب واللهب والتروس والأمواج، مؤطرة بمدخل “درج الزمن المتجدد”. تحفظ التروس المتشابكة ذكريات الفولاذ في الرصيف والسفن، بينما تدعم الخطوط القوية الأهمية التاريخية العميقة وتضيف التصاميم البسيطة ديناميكية حديثة. وهذا يخلق فضاءً يلتقي فيه “سفينة التاريخ” و”مدينة اليوم”، ليذكر كل زائر بأن هذه كانت نقطة الانطلاق المجيدة التي انطلق منها رواد الثورة إلى فرنسا قبل قرن من الزمن سعياً وراء المثل الثورية. إن طريق “الدراسة والمراس واختيار المسار وخدمة الأمة” الذي سلكه الشباب التقدمي من هنا شهد بدايات الجيل الأقدم من الثوريين في رحلتهم الثورية، وسجل عملية صياغة قناعاتهم الماركسية في الخارج وتراكم قوتهم لخدمة الوطن خلال تأسيس وتطور الحزب الشيوعي الصيني.
خلال الفعالية، تم تشكيل أول فريق مرشدين سياحيين محترف لمنطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية، مما يمثل خطوة نحو نشر التراث الثقافي للمنطقة بشكل أكثر تخصصاً وتنظيماً لخدمة الجمهور بشكل أفضل.
أصدرت الفعالية أيضاً خريطة سياحية ثقافية مرسومة يدوياً تتضمن أربع مسارات موضوعية تربط المعالم الثقافية والمناطق العصرية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك منطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية، مما يوفر تجربة استكشاف جديدة للزوار.

بدأت رحلة جولة مصغرة مميزة من منطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية. تبع ثلاثون زائراً محلياً ودولياً مرشدين محترفين في رحلة روحية امتدت على قرن من الزمان. تدمج المنشآت الخارجية المتجددة بمهارة بين العناصر التاريخية والحديثة، معرضةً سحراً فنياً فريداً. يتلاعب الضوء والظل على جدران النقش البارز التي تعيد إنشاء صور الطلاب الشباب المسافرين إلى الخارج بحثاً عن الحقيقة. تدمج كل منشأة فنية ذاكرة التاريخ مع الجماليات المعاصرة بسلاسة، مستحثةً بصمت تأملاً عميقاً في تلك الحقبة الاستثنائية من حركة العمل والدراسة في فرنسا.
وقف أحد الزوار أمام جدار النقش البارز لفترة طويلة، قائلاً: “هذه القصص التاريخية مُذهلة. أرى كيف سافر الشباب الصيني بشجاعة إلى أراضٍ أجنبية بحثاً عن المعرفة والحقيقة. هذه الروح تلهمني بعمق وتعطيني فهماً أكثر عمقاً للتاريخ الصيني الحديث والتراث الثقافي.”
في ورشة العمل الأنيقة بمركز الفنون الثقافية، أمسك الزوار بأدوات تشكيل الصلصال وعجنوا عجينة ملونة، مبتكرين دمى عجين تقليدية ساحرة تحت إرشاد حرفيين ماهرين. قال طالب دولي بحماس وهو يعجن: “هذا النشاط الثقافي يجعلني أشعر بعمق الثقافة الصينية. كل تفصيلة تحوي قصصاً، وأشعر وكأنني أنتقل عبر الزمن، أتحاور مع أناس من الماضي.”
مع انتهاء الرحلة، تجول المشاركون على طول طريق الجامعة المضاء ببريق، حيث عكست الأضواء المتلألئة المشهد الليلي الرقيق والديناميكي للمدينة.
ذكرت سلطات الثقافة والسياحة أن إحياء وافتتاح منطقة هوانغبو الواقفية التاريخية والثقافية لا يمثل مجرد تجديد معماري، بل هو ممارسة ثقافية عامة تستخدم التراث كأساس والسياحة المصغرة الحضرية كوسيلة. فهو يربط شظايا التاريخ المتناثرة في سرد متصل، دامجاً الذاكرة التاريخية في الحياة اليومية للمواطنين ومضيفاً أبعاداً جديدة لقصة المنطقة الواقفة على الواجهة المائية.
أشار مركز إدارة التراث الثقافي إلى أن الجهود المستقبلية ستركز على الترويج لمسارات المنطقة وأنشطتها الثقافية. من المتوقع أن يصبح الموقع معلماً ثقافياً حضرياً جديداً يدمج التعليم التاريخي والتجربة الثقافية والسياحة الترفيهية – وجهة سياحية ثقافية مميزة تدمج الذاكرة التاريخية في نبض المدينة، لتستمر الرصيف المئوية في التألق بأهمية معاصرة.